الزمن يمر كالسحاب في سماء الحياة، يغير كل شيء حولنا لكنه يتركنا كما نحن في جوهرنا. كم من المرات نظرنا إلى المرآة فوجدنا وجوهاً غريبة تبتسم لنا، وجوهٌ كبرت وشاخت لكننا من الداخل ما زلنا ذلك الطفل الذي يحلم، ذلك الشاب الذي يتطلع إلى المستقبل، ذلك الإنسان الذي يؤمن بأن التغيير الحقيقي يأتي من الداخل لا من الخارج. الزمنغيرملامحناونحنبقينامانحن
الزمن غير ملامحنا، نعم، جعل الشعر الأبيض يتسلل إلى رؤوسنا، وخطوط الزمن ترسم على وجوهنا قصصاً لا تُحكى، لكن الروح بقيت كما هي. الذكريات تتراكم مثل طبقات الغبار على كتاب قديم، لكن القصة بين دفتيه تظل كما هي، لم تتغير. نحن نكبر في العمر، نكتسب الخبرات، نخسر ونربح، لكن ذلك الشغف الداخلي، ذلك الإحساس بالذات، يبقى ثابتاً كالجبال.
في خضم هذا العالم المتسارع، حيث كل شيء يتغير بسرعة البرق، نجد أنفسنا نتساءل: هل نحن حقاً مختلفون؟ نغير وظائفنا، علاقاتنا، أماكن عيشنا، لكننا في العمق ما زلنا نبحث عن نفس الأشياء: الحب، الأمان، السعادة. التكنولوجيا تطورت، المدن توسعت، لكن القلب الإنساني بقي بنفس المشاعر والأحاسيس.
ربما هذا هو السر الأكبر في الحياة: أن الزمن يغير كل شيء إلا الإنسان من الداخل. نتعلم من الأيام، ننضج، نكتسب الحكمة، لكننا نظل محتفظين بذلك الجزء الأصيل منا الذي لا يتأثر بمرور السنين. قد نبدو مختلفين في عيون الآخرين، لكننا نعرف أننا في الحقيقة ما زلنا كما كنا.
لذلك، عندما تمر بك لحظة تشعر فيها أن الزمن قد سرق منك شيئاً، تذكر أن الجوهر يبقى. الملامح تتغير، القوى تضعف، لكن الروح تظل شابة كما كانت. نحن مثل الأنهار، نغير مساراتنا باستمرار، لكننا نظل نحمل نفس الماء الذي بدأنا به رحلتنا.
الزمنغيرملامحناونحنبقينامانحنفي النهاية، الزمن ليس إلا اختباراً لمعرفة ما إذا كنا سنبقى أوفياء لأنفسنا وسط كل هذه التغيرات. وهو يثبت لنا يوماً بعد يوم أن التغيير الحقيقي ليس في الشكل، بل في القرار الذي نتخذه كل يوم بأن نبقى كما نحن في الصميم: بشراً يحبون، يحلمون، ويؤمنون بأن الجوهر لا يتغير.
الزمنغيرملامحناونحنبقينامانحن